الاثنين، 8 أغسطس 2011

الزهرة الرابعة : فوائد ولطائف في الحمد

(الحمد لله ) له تعلق بالماضي وتعلق بالمستقبل ,أما تعلقه بالماضي فهو أن يقع شكرا على النعم المتقدمة ,وأما تعلقه بالمستقبل فهو أنه يوجب تجدد النعم في الزمان المستقبل لقوله تعالى :"لئن شكرتم لأزيدنكم "{إبراهيم :7}(1) اهـ

لطيفة :أول كلمة ذكرها أبونا آدم عليه السلام هي قوله "الحمد لله "وآخر كلمة يذكرها أهل الجنة قولنا الحمد لله أما الأول فلأنه لما بلغ الروح إلى سرته عطس فقال الحمد لله رب العالمين ,وأما الثاني فهو قوله سبحانه وتعالى "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين "{يونس :10}ففاتحة العالم مبنية على الحمد وخاتمته مبنية على الحمد فاجتهد حتى يكون أول أعمالك وأخرها مقرونا بهذه الكلمة فإن الإنسان عالم صغير فيجب أن تكون أحواله موافقة لأحوال العالم الكبير (2).أهـ

لقائل أن يقول : التسبيح مقدم على التحميد ، لأنه يقال : سبحان الله والحمد لله فما السبب ها هنا في وقوع البداية بالتحميد ؟
الجواب : إن التحميد يدل على التسبيح دلالة التضمن ، فإن التسبيح يدل على كونه مبرأ في ذاته و صفاته عن النقائض و الآفات و التحميد يدل مع حصول تلك الصفة على كونه محسناً إلى الخلق منعما عليهم رحيما بهم فالتسبيح إشارة إلى كونه تاماً ، و التحميد يدل على كونه تعالي فوق التمام ، لهذا السبب كان الابتداء بالتحميد أولى . أهـ



فإن قيل : لم خص الحمد بالله ولم يقل الحمد للخالق ؟ أو نحوه من بقية الصفات ؟
الجواب : لئلا يتوهم الاختصاص واستحقاق الحمد بوصف دون وصف


**********************


طبقات الحامدين
ــــــــــــــــــــــــــــ
وتتفاوت طبقات الحامدين في تباينهم في أحوالهم ، فطائفة حمدوه على ما نالوا من إنعامه وإكرامه من نوعي صفة نفعة و دفعه ، وإزاحته وإتاحته ، وما عقلوا من إحسانه بهم أكثره ما عرفوا من أفضاله معهم ، قال جل ذكره : " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " { إبراهيم :34} . وطائفة حمدوه على ما لاح لقلوبهم من عجائب لطائفه ، وأودع سرائرهم من مكنونات بره وكاشف أسرارهم به من خفي غيبه ، وأفرد أرواحهم به من بواده مواجده ، وقوم حمدوه عند شهود ما كاشفهم به من صفات القدم ، ولم يردوا من ملاحظة العز والكرم إلى تصفح أقسام النعم ، وتأمل خصائص القسم ، وفرق بين من يمدحه بعز جلاله و بين من يشكره على وجوب أفضاله كما قال قائلهم :
وما الفرق عن أرض العشيرة ساقنا … و لكننا جئنا بلقياك نسعد(1) أ هـ

لطيفة :
قوله : " الحمد لله " ثمانية أحرف وأبواب الجنة ثمانية ، فمن قال هذه الثمانية عن صفاء قلبه استحق ثمانية أبواب الجنة (2). أهـ

فإن قيل لماذا كان التعبير بقوله : " الحمد لله " ولم يكن ب { أحمد الله } ؟
الجواب : لو قال أحمد الله أفاد ذلك كون ذلك القائل قادراً على حمده أما لما قال : " الحمد لله " فقد أفاد ذلك أنه كان محموداً قبل حمد الحامدين وقبل شكر الشاكرين فهؤلاء سواء حمدوا أو لم يحمدوا وسواء شكروا أو لم يشكروا فهو تعالي محمود منذ الأزل إلى الأبد لحمده القديم وكلامه القديم وأيضا لو قال " أحمد الله " لكان قد حمد لكن لا حمداً يليق به ، وأما إذا قال الحمد لله فكأنه قال : من أنا حتى أحمده لكنه محمود بجميع حمد الحامدين
**********************

أيهما أعم ..الحمد أم الشكر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن جزى – رحمه الله – ما نصه :
الحمد أعم من الشكر لأن الشكر لا يكون إلا بجزاء النعمة والحمد يكون جزاء كالشكر ويكون ثناء ابتداءا كما أن الشكر قد يكون أعم من الحمد لأن الحمد باللسان والشكر بالقلب واللسان والجوارح . فإذا فهمت عموم الحمد علمت أن قولك " الحمد لله " يقتضي الثناء عليه لما هو من الثناء والعظمة والوحدانية والإفضاء والعلم وغير ذلك من الصفات . ما يتضمن معاني أسمائه الحسني التسعة والتسعين ويقتضي شكره والثناء عليه بكل نعمة ورحمة أولى جميع خلقه في الآخرة والأولى ، فيا لها من كلمة جمعت ما تضيق عنه المجلدات .
واتفق دون عدة عقول الخلائق ويكفيك إن الله جعلها أول كتابه وأخر دعوى أهل الجنة، الشكر باللسان هو الثناء على المنعم والتحدث بالنعم ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " التحدث بالنعم شكر " والشكر بالجوارح هو العمل بطاعة الله و ترك معاصيه و الشكر بالقلب هو معرفة مقدار النعمة . والعلم بأنها من الله وحده ، والعلم بأنها أفضل لا باستحقاق العبد ،
واعلم أن النعم التي تجب الشكر عليها لا تحصى ، ولكنها تنحصر في ثلاثة أقسام :
نعم دنيوية : كالعافية والمال ، نعم دينية : كالعلم والتقوى . ونعم أخروية: هي جزاؤه بالثواب الكثير على العمل القليل في العمر القصير .
والناس في الشكر على مقامين : منهم من يشكر على النعم الواصلة إليه خاصة ومنهم من يشكر الله عن جميع خلقه على النعم الواصلة إلي جميعهم ، والشكر على ثلاث درجات : فدرجات العوام الشكر على النعم ودرجة الخواص الشكر على النعم و النقم على كل حال ودرجة خواص الخواص أن يغيب عن النعمة بمشاهدة المنعم ، قال رجل لإبراهيم بن آدهم : الفقراء إذا منعوا شكروا وإذا أعطوا أثروا . ومن فضيلة الشكر انه من صفات الحق ومن صفات الخلق فإن من أسماء الله : الشاكر والشكور

ليست هناك تعليقات: